:: ألفونس دو لامارتين

: إذا عظمة الهدف، وقلّة الأدوات، والوصول إلی نتائج مدهشة تکون المحاور الثلاثة لزنة الذکاء البشري، فمن یزعم بمقارنة نفسه بکونه من رجال التاریخ الحالي العظماء مع "محمد"(صلی الله علیه وعلی آله)؟  صیّر أشهر الرجال الجحافل، والضوابط، والإمبراطوریات؛ فلو لم نقل أنّ ماحدثوه لایحتسب شیئاً، فیجب نقول مکان ذلک أنّ ماصنعوه لیس أکثر من القوّة  المادّیة التي في أغلب الأحیان تتلاشی بلمحة بصر. و ما صیّر هذا الرجل الجحافل، والضوابط، والإمبراطوریات، والناس، والسلالات فقط، بل  ساق ملایین من الأشخاص أي مایقترب عددهم من ثلث من سکّان هذاالعالم وحتّی أکثر من ذلک نحو الحرکة والتبدیل.

قد طوّر محمّد (صلی الله علیه وعلی آله) المعابد، والآلهة، والأدیان، والإیدئولوجیات، والأفکار، والنفوس. ومن معالم الإیمان غیر المتزعزع هي تجلّده للإنتصار، ورحابة صدره التي کانت في جهة عقیدة واحدة ولاتعکس جهداً للسلطنة، وصلواته اللانهائیة، و همساته الخفيّة مع الله، ووفاته وإنتصاره بعد الوفاة. 

قد کان محمّد (صلی الله علیه وعلی آله) معلِّماً دینیّاً، وإصلاحياً إجتماعياً، وزعیماً روحياً أخلاقياً، ومجسّداً عظیماً لتنفیذ الشؤون، وصدیقاً وفياً، ومجالساً جمیلاً، وبعلاً متعلّقاً، وأباً حنوناً؛ کان صاحباً لکل هذه المواصفات بأسرها. لن یکن في التاریخ رجلٌ آخرٌ یعلو علیه في کل من هذه الجوانب الحیاتیة المختلفة أو یساویه فیها. کانت فقط تلک الفردیة إیثاریة التي جمعت کل هذه الکمالات المذهلة وغیر المعقولة في نفسها.